القصة المعجزة لدولة الإمارات العربية المتحدةإن التجربة الوحدوية الناجحة بتكوين دولة حضارية ذات سيادة يشار إليها بالبنان كان هاجسا يراود أبناء الإمارات السبع وعندما تقلد سيدي صاحب السمو الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حفظه الله مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي ولطموحه العربي وحبه لشعبه وإيمانه بأن المستقبل لا مكانة له للدول الصغيرة سعى جاهدا للم الشمل الإمارات تحت راية واحدة وتحت دستور واحد وتحت كلمة واحدة بمنطلق الإتحاد وتلبية لقول الحق تبارك وتعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرققوا) صدق الله العظيم ،ونظرا لإيمان أبناء الإمارات بالوحدة وسعيهم الدؤوب إليها وبحثهم عن قائد يجسد معانيها وجدوا ظالتهم في قائد الإتحاد ومؤسس نهضةالأمجاد سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ورافقه في هذا الحلم رحمة الله عليه سمو الشيخ المغفور له راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي آنذاك ومنذ الساعة الأولى لقرار الانسحاب البريطاني عام 1968وجلائه عن الإمارات عام 1971 واجهت الامارات تحدي قوي وهي مسؤولياتها الجديدة الناجمة عن الإستقلال بعد هذا الانسحاب. وخلق هذا القرار تهديدا بوجود فراغ عسكري وسياسي في المنطقة برمتها فبدءا القائدان في 18 فبراير 1968 العمل على ترجمة هذا الحلم للواقع الحي الملموس حيث اجتمعا في السميح على الحدود بين الإمارتين لمناقشة الموقف الطارئ الجديد وأعلن الحاكمان قيام إتحاد بين إمارة أبوظبي وإمارة دبي . وكان لتصميم القائدان على تحقيق الاتحاد سببا رئيسيا لتمهيد الطريق له وتذليل العقبات التي تعترض قيامه .ودعا الشيخان في البيان الذي أعقب قيام الاتحاد شيوخ الساحل وحكام قطر والبحرين لاجراء محادثات حول مستقبل المنطقة. وكانت الاستجابة سريعة .وبعد إجتماع الحكام التسعة في دبي بتاريخ 25 فبراير 1968 أعلن بعد يومين قيام دولة الإمارات العربية. وتبع ذلك العديد من الاجتماعات ولكن بعد حوالي عامين ونصف لم يتحقق هذا الاتحاد من تسع إمارات، فأعلنت البحرين في 14 اغسطس 1971 استقلالها كما أعلنت قطر في الأول من سبتمبر من نفس العام استقلالها أيضا وحامت الشكوك بأن الاتحاد قد تتداعى أركانه فتسقط لبناته الواحدة تلو الأخرى ولكن لوعي القادة ورغبتهم الجادة لقيام هذه الدولة الغراء وتحقيق لأمال الشعب العربي من أبناء الإمارات السبع توالت اجتماعات حكام الامارات المتصالحة حتى تحقق بمباركة من حكام الإمارات السبع هذا الصرح الوحدوي الفريد من نوعه وأعلن في الثاني من ديسمبر عام 1971 قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وانتخب سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيسا للدولة وسمو الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائبا للرئيس ، واستطاعت هذه الدولة العربية الوليدة أن تحقق مالم تحققه غيرها من الدول على كافة الأصعدة وتخطت الكثير من العقبات والمشاكل التي واجهتها فأحدثت تغيرات جذرية في نظام الحكم والادارة بالمنطقة يختلف كثيرا عما كان عليه قبل الإتحاد. بمرور عشر سنوات على هذه الدولة الفتية قد أحدث تغيرات داخلية واضحة. وكان لحركة العمران وازدياد الهجرة الوافدة من كافة الجنسيات على الدولة والتطورات في الفكر والثقافة آثارها الواضحة على الحياة الإجتماعية بالإمارات. وأدت الطفرة البترولية في تلك الفترة التي أعقبت عام 1973 آثارها الواضحة في نمو المدن واتساعها وكثرة العمران، وزيادة السكان وإن دراسة هذه التغيرات السياسية والاجتماعية والاقصادية التي جعلت شكل الحياة مغايرا تماما لما كانت عليه قبل الاتحاد. وضع الدستور المؤقت مع بداية الإتحاد ، ووضعت طبقا له السلطة التنفيذية في يد المجلس الأعلى للحكام وفي يد مجلس الوزراء.يتكون المجلس الأعلى للإتحاد من حكام الإمارات السبع ويمثل أعلى سلطة في الإتحاد. تكون أول مجلس للوزراء عام 1972 وترأس المجلس سمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم وكان سمو الشيخ خليفة بن زايد نائبا للرئيس . وبما أن الدستور المؤقت ينص على أن مدة الرئاسة خمس سنوات أجتمع المجلس الأعلى عام 1976 وانتخب بالاجماع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيسا للدولة لمدة خمس سنوات أخرى وجدد انتخاب سمو المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائبا للرئيس. وتشكلت في نفس العام وزارة جديدة ترأسها الشيخ مكتوم بن راشد وكان الشيخ حمدان بن محمد نائبا لرئيس مجلس الوزراء. وفي أول يوليو 1979 تشكلت وزارة ثالثة رأسها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وعين كلا من الشيخ مكتوم بن راشد والشيخ حمدان بن محمد نائبين للرئيس. بناءا على الدستور المؤقت تشكلت السلطة التشريعية للدولة من مجلس وطني قوامه أربعون عضوا يعينهم حكام الامارات السبع لمدة عامين . وهكذا تسير الدولة منذ نشأتها في خطوات ثابتة نحو توثيق عرى التوحد والترابط . فتم حل الوزارات في كل من أبوظبي والشارقة على أن تحل محلها إدارات محلية في ديسمبر 1973 وفي نفس الوقت حل مجلس الوزراء الاتحادي الجديد المكون من 28 وزيرا محل مجلس الوزراء السابق الذي كان يتكون من أربعة عشر وزيرا .وأدمجت في تلك الأثناء الشرطة المحلية في جهاز واحد، كما قرر المجلس الأعلى للدفاع عام 1976 توحيد القوات المسلحة في الامارات . وأصبح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حفظه الله قائدا اعلى للقوات الاتحادية . وأثبتت الدولة قدرتها على النمو والتقدم والرقي ويظهر هذا جليا فيما قدمته لكل مواطن في مجال التعليم والعلاج الطبي والنشاط الاجتماعي والثقافي وازدهار الحياة الصحفية والاهتمام بالشاط الرياضي . ففي مجال التعليم تولت الوزارة الاتحادية مسؤولية التعليم في امارات الاتحاد . في يوليو 1972 أصبح التعليم إلزاميا للمرحلة الابتدائية للأطفال من سن السادسة . وبالتالي زاد عدد التلاميذ زيادة كبيرة بالمدارس الابتدائية . وأفتتحت جامعة الإمارات العربية بالعين في العام الدراسي 1977-1978 تخرج أول دفعة من طلاب وطالبات هذه الجامعة يناير عام 1981 . وافتتحت العديد من الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والخاصة على أرض الدولة مثل كليات التقنية العليا في كافة أرجاء الدولة ، جامعة الشيخ زايد ، الجامعة الأمريكية ، جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ، جامعة البيان...الخ. وازدهرت الصحافة بالدولة ووصلت بعض جرائدها إلي مستوى رفيع في التحرير والحرية والحياد مثل جريدة الاتحاد ، الخليج ، البيان ، الوحدة، الفجر، أخبار العرب . ويصدر بالدولة عدد من المجلات الاسبوعية بعضها يختص بالمرأة والأسرة مثل زهرة الخليج وكل الأسرة وبعضها للشباب مثل الرياضة والشباب والصدى وبعضها للأطفال مثل مجلة ماجد والعديد من المجلات الثقافية والإقتصادية وبعض الجرائد التي تصدر باللغة الأنجليزية مثل خليج تايمز وجلف نيوز. وفي ميدان الخدمات الصحية لا تكاد منطقة بالدولة تخلو من مستشفى وعيادة مزودة بأحدث التقنيات الطبية ، بالإضافة لعيادات رعاية الأمومة والطفولة واستقدمت الدولة للعمل بهذه المستشفيات خيرة الأطباء المتخصصين ، هذا بالإضافة بالمستشفيات الخاصة التي تذخر بها الدولة من المستشفيات الحكومية الشهيرة بالدولة بأبوظبي مستشفى المفرق ، الجزيرة ، خليفة و بالعين مستشفى العين (توام) ، بدبي : مستشفى راشد ، الوصل ، دبي الجديد ، بالشارقة : المستشفى الكويتي ، عجمان : مستشفى خليفة ، رأس الخيمة: مستشفى صقر ، الفجيرة : مستشفى الفجيرة ،كلباء: مستشفىكلباء. ومن التغيرات الاجتماعية بالدولة نهضة الفتاة والمرأة ومساهمتها في نمو وازدهار هذه الدولة الفتية. ولعل إلتحاق الفتيات بالتعليم الجامعي والتقني وانخراطهن في كافة المجالات والمؤسسات الحكومية والخاصة لأكبر دليل على ذلك . أنشئت عام 1972 جمعية المرأة الضبيانية برئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك قرينة رئيس الدولة. وتلا ذلك ظهور جمعية النهضة النسائية بدبي ، ونادي الفتيات بالشارقة ، وجمعية أم المؤمنين بعجمان. وفي عام 1974 انشئ الاتحاد النسائي العام برئاسة قرينة صاحب السمو رئيس الدولة. وأنظم الاتحاد النسائي بالدولة إلي الاتحاد النسائي العربي عام 1978 فور تأسيسه، يشرف الاتحاد النسائي على نشاط الجمعيات وفروع الاتحاد بالدولة. وله نشاط ملموس بتعليم المرأة ، ويقوم أيضا بتنظيم المحاضرات والندوات وإقامة المعارض السنوية وإنشاء مراكز احياء الصناعات التقليدية ورعاية التراث. ويشارك في المؤتمرات العربية والعالمية. وبذلك يعطي الوجه المشرق لنهضة الدولة في ميدان تقدم وحقوق المرأة الإماراتية. أما بميدان البناء والتعمير والصناعة فحدث ولاحرج ولعل اكمال شبكة الطرق الداخلية وربطها بالطرق الرئيسية بالبلدان المجاورة كسلطنة عمان عن طريق دبي حتا عمان والسعودية وقطر من خلال طريق الإمارات أو شارعا الشيخ زايد والشيخ مكتوم اللذان يربطان دبي وأبوظبي وباقي الإمارات ببعض من جهة ويربط الإمارات بالسعودية وقطر والكويت والبحرين وباقي الدول العربية من جهة أخرى من خلال طريق المفرق الحمرا السلع. ولعل من المشاريع التى نذكرها في هذه العجالة ما أنجز من توسيع وبناء الموانئ في دبي وابوظبي . وبناء الحوض الجاف في دبي ومحطة توليد الكهرباء في جبل علي والمنطقة الصناعية في جبل علي ومدينة الإنترنت بدبي التي تضم كافة الشركات العالمية المختصة بشؤون التقنية المعلوماتية والتي بدات بإنشاء أول حكومة الكترونية بالعالم العربي وأول مدينةجامعية على الإنترنت والمدينة الإعلامية التي غدت قطبا رئيسيا لكافة الوسائل الإعلامية وإنشاء مناطق حديثة على امتداد شارع الشيخ زايد بن سلطان وكذلك مشروع تسييل الغاز ومحطة توليد الكهرباء ومصفاة الرويس. ومن مظاهر الحياة الجديدة في الدولة الهجرة الوافدة وازديادها من الخارج . وهي ظاهرة صاحبت حركة البناء والتطوير بالدولة . وهي من الأمور التي أدت إلي خلل بالتركيبة السكانية بالدولة وهي من القضايا الهامة التي باتت تشغل الشارع الإمارتي في الوقت الحاضر. ومع هذا التطور الحضاري والنمو العمراني والصناعي والتغيرات الاجتماعية والثقافية مازال المواطن الامارتي الاصيل حريص على قيمه ومبادئه وعاداته وتقاليده التي تربى عليها ونجد اهتماما كبيرا من رئيس الدولة والمسئولين فيها بضرورة الاهتمام والرعاية لهذا الجانب فمسألة المحافظة على شخصية المواطن والتمسك بتقاليد البلاد وقيمها الروحية مهمة جدا وتمثل أمتداد هام للموروث الثقافي والإسلامي الذي تربى عليه شعب الإمارات . ونجد هذا ملموسا في سياسته الحكيمة بتوطين البادية وتجميع القبائل في قرى حديثة تنتشر حولها المزارع الحديثة ويتوفر فيها التعليم والعلاج قريبا من مواطن البادية والقبائل . كما يرعى حفظه الله تراث البلاد وتاريخها ممثلا في نشاط مركز الوثائق والدراسات ، لجنة تراث وتاريخ دولة الامارات ومشروع زايد لتحفيظ القرآن ، ورعاية الرياضة التقليدية بالدولة من سباقات الهجن والخيول . ولا يزال سيدي رئيس دولة الامارات حفظه الله على رغم مشاغله الكثيرة يؤمن بالاتصال المباشر بينه وبين المواطن . وهو يقوم بين فترة وأخرى بالتجول في أنحاء الدولة ، ويلتقي بأبنائه يتعرف منهم على قضاياهم حسب التقاليد العربية الموروثة فلم تثنه المسؤوليات عن التعرف عن قرب لحالة أبنائه . ولعل لقاء سموه بأبنائه الشباب ومناقشة قضية الزواج والأسكان وما تمخض عنه مشروع صندوق الزواج الذي يقوم بدور كبير بتزويج الشباب وحثهم على الأرتباط وكذلك مشروع زايد للإسكان الذي يوفر البيت من خلال منح وبيوت شعبية لغير القادرين وقروض ميسرة الدفع وبدون فوائد لأصحاب الدخل الجيد لأكبر دليل على ذلك ولهذا تجد دولة الإمارات تنعم باستقرار وأمن يعكس مدى التماسك والترابط بين الحاكم والمحكوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق